المادة    
ثم يتحدث راسل عن حياته الفكرية، وهذا هو ما نريد أن نعرفه ونستكشفه، لكن ما سبق مهم لنعرف كيف ينشأ هؤلاء الملحدون.
يقول: "وحدث حادث عظيم في حياتي عندما كنت في عامي الحادي عشر، وهو أني بدأت دراستي لـإقليدس الذي لم يزل عندئذ هو المتن المعترف به في دراسة الهندسة، وأحسست بشيء من خيبة الرجاء، حين وجدته يبدأ هندسته ببديهيات لا بد من التسليم بها بغير برهان".
هذه أول قضية مهمة في نقد الفكر اليوناني الذي -مع الأسف- آمن به الفلاسفة المنتسبون للإسلام، والمعتزلة والأشاعرة إلى حد ما، وهي القضية الأساسية في نقد هذا الفكر -وقد أحس بها هذا الطفل- وهي أنهم يحاولون أن يثبتوا لك أشياء أنت مسلم بها من غير برهان؛ لأنها مما لا يقبل النقاش، فهم -مثلما قلنا- يتكلمون في الماهيات؛ في حقائق الأشياء؛ إثبات أن الإنسان إنسان، وإثبات أن الجبل جبل، والناس كلهم -إلا من مرض بهذا الداء- لا يشكون في هذه الحقائق، أما الفيلسوف فتراه يأتي بنظرية بدهية في الرياضيات ويطيل في الاستدلال على صحتها، وهي قضية مسلم بها من غير هذا الطريق الطويل في الاستدلال.
من هنا بدأت في نفسه الثورة على الفكر اليوناني والفلسفة اليونانية، وما قاله أرسطو وأشياعه.
  1. راسل جبرياً

    بعد أن يذكر القضايا التي أثرت في حياته وأعطته شعوراً بأن اليقين لا يوجد إلا في قوانين الرياضيات؛ يقول: "لكن كان أهم من ذلك كله -وقد كنت لم أزل صبياً- أنني آمنت بأن الطبيعة تعمل وفق قوانين الرياضة، وأن الأفعال الإنسانية كحركات الكواكب، يمكن حسابها في دقة إذا ما أسعفتنا القدرة الكافية لذلك".
    أرأيتم كيف يبدأ الإلحاد؟! يقول: إن اليقين في قوانين الرياضيات وحدها وليس في غيرها، كما يقول بعض الناس: (1+1=2) هذا علم لا يناقش فيه، وهذا الكلام صحيح، لكن هذا العلم لا يمكن أن يطبق في حياة الناس، يمكن أن نقول: أثبت العلم مثلاً أن هذا الكوكب كذا وكذا، وأن المادة الفلانية كذا وكذا، وأن القانون الرياضي كذا وكذا، فهذا ممكن جداً، وإذا قلنا في هذا: قال العلم وأثبت العلم، أمكن أن نكون صادقين، ولا يعترض علينا أحد غالباً.
    المشكلة هي في قوله: (وأن الأفعال الإنسانية كحركة الكواكب يمكن أن تضبط وأن تخضع لمنطق علمي)، هذا هو الخطأ، وقد لبَّسوا هذه القضية على العالم الإسلامي؛ يقولون: إن الدارس لعلم النفس كالدارس لعلم الطب، وكلاهما له مجال تكون كلمته مسموعة فيه، وكما أن طبيب القلب يعرف حركات القلب وعمل القلب ووظائف القلب، ويستطيع أن يشخص أي مرض يصاب به القلب، ويكتب الأدوية التي تعيد القلب إلى صحته وسلامته، فكذلك الطبيب النفسي يستطيع أن يحلل سلوكك ويعرف شخصيتك ويحدد ميولك، ويستطيع أن يرسم لك منهجاً تسير عليه في حياتك، وليس هذا فحسب، بل يمكن لعلماء النفس أن يحللوا سلوك المجتمعات ويعرفوا ما يصلحها وما يفسدها ويمكن أن يضعوا لها تشريعاً تسير عليه، بمعنى أننا لو أتينا بعلماء النفس وعلماء الاجتماع، وقلنا لهم: ضعوا لنا كتاباً تسير عليه البشرية في حياتها الاجتماعية والنفسية، لقالوا: يمكن ذلك؛ لأن العلم توصل إلى حقائق، وهذا هو الخطأ، فالمشكلة أن العلم البشري في هذا الجانب لا يصل إلا إلى الضلال والشك والحيرة والتخبط، والباحثون في هذه الأمور لا يتفقون على رأي، وكل تلميذ منهم يخالف أستاذه، والأستاذ يتراجع أيضاً وتختلف أقواله، وبهذا لا يمكن أن يصلوا إلى اليقين في جانب الإنسان، أما في جانب الكون أو في الجانب الجسدي المادي البحت، فالقضية منظورة، ويمكن أن يتوصل فيها إلى قوانين، لكن هؤلاء الفلاسفة خلطوا بين المجالين.
    يقول: "فلما بلغت من عمري الخامسة عشرة انتهيت إلى نظرية شديدة الشبه بنظرية الديكارتيين؛ إذ شعرت باعتقاد الواثق أن حركات الأجسام الحية إنما تنظمها قوانين الديناميكا تنظيماً تاماً" أي: أنه قد توصل إلى نفس ما توصل إليه الديكارتيون.
    يقول: "إذاً فحرية الإرادة وهم الواهمين". إذاً ليس هناك حرية إرادة، والإنسان مثل الكواكب ومثل الشجر، ومثل بقية الأمور المادية يخضع لقوانين ليس له إرادة فيها.
    وهذا يجرنا إلى مسألة القدر عند الغربيين؛ فالقدر عند الغربيين إما حتميات لا فكاك للإنسان عنها، وإما حرية مطلقة ليس لأحد عليها رقابة ولا هيمنة، فالفكر الغربي يؤمن بإحدى الحالتين فقط.
    فـبرتراند راسل يذكر أنه وصل إلى هذه النتيجة؛ أنه ليس للإنسان حرية إرادة.
    يقول: "وقد سلَّمت بوجود الشعور الواعي عند الإنسان على أنه حقيقة قائمة لا شك في صدقها، فلم أستطع أن أذهب مع المادية مذاهبها، ولو أنني أحسست نحوها بعض الميل لما فيها من بساطة وتنظيم، ولأنها تنبذ الترهات في تفسير الكون، وكنت عندئذ لا أزال على عقيدتي في وجود الله؛ لأن برهان العلة الأولى قد بدا لي ممتنعاً عن الدحر".
    وصاحب برهان العلة الأولى هو أرسطو، فـبرتراند راسل يذكر أنه كان في ذلك الوقت لا يزال معتقداً بوجود إله، لكنه أنكر حرية الإرادة.
  2. على خطى الإلحاد

    ثم يقول: "هكذا لبثت حتى ذهبت إلى كامبردج -وهي من أشهر الجامعات في العالم- في سن الثامنة عشرة، وقد كنت عشت حياة معتزلة إلى حد بعيد، وذلك لأني نشأت في دار جدي على أيدي مربيات ألمانيات، ومديرات الدار كنَّ ألمانيات أو سويسريات، ثم انتهى أمري بعد ذلك إلى مربين من الإنجليز، فلم أخالط الأطفال إلا قليلاً"، فهو عاش بين الكبار ولم يعرف الحياة مع الأطفال إلا قليلاً، يقول: "وحتى بعد أن خالطتهم وجدتهم لا يحتلون في نفسي اهتماماً بأمرهم، حتى إذا ما كنت في عامي الرابع عشر أو الخامس عشر، اهتممت بالدين اهتماماً شديداً" لأن الإنسان في الرابعة عشرة والخامسة عشرة يهتم كثيراً بالدين.
    إن الشباب في المرحلة المتوسطة -وهي توافق سن المراهقة تقريباً- يبدأ عندهم الشعور الحاد والتفكير العميق في مسألة من أين جئت، وكيف جاء هذا الكون، ولماذا يفعل الناس هذا، ولا يفعلون ذاك؛ فقد يأتونك بأسئلة وتصورات وتوقعات وتكهنات غريبة جداً في هذه الفترة، ولذلك تجد بعض الشباب الذين هداهم الله واستقاموا في هذا السن يشكون من القلق ومن الوسوسة ومن الحيرة، خاصة إذا لم يتربوا تربية مكينة، وهناك من الشباب الذين نشئوا نشأة دينية مَن قد ينحرف -عافني الله وإياكم- يربيه أبوه ويهذبه ويعلمه في الصغر، فيحفظ القرآن، ثم إذا بلغ الرابعة عشرة أو تجاوزها بقليل، إذا به ينحرف ويتغير عما كان عليه تماماً، وحين تنظر إليه تستبشع هذا التغير.
    فهذه الفترة هي فترة تغير؛ ولذلك يجب على المربين والمعلمين والآباء والدعاة أن ينتبهوا لهذه القضية.
    والمدرسون في المرحلة المتوسطة عليهم عبء كبير بالنسبة لهذه القضية، وكذلك الدعاة في المساجد أو المدارس الخيرية أو ما أشبه ذلك؛ لأن الإنسان -إذا جاوز الخامسة والعشرين من عمره- تستقر نفسيته، ويعيد النظر في حساباته، وينتقد سيرته الماضية، أما ما قبل ذلك فتجد الاندفاع والتهور والتقلب والتذبذب في الرأي والشكوك، وأكثر ما يعاني المربون والموجهون والدعاة والناصحون هو ما يعانونه من الشباب الذين هم دون العشرين، ولا سيما من كان في مرحلة المراهقة.
    يقول: "اهتممت بالدين اهتماماً شديداً، وجعلت أقرأ مفكراً في البراهين التي تقام على حرية إرادة الإنسان وعلى خلوده -يعني: على اليوم الآخر- وعلى وجود الله، وقد كان يشرف على تربيتي لبضعة أشهر أستاذ متشكك".
    وهنا يبرز لنا خطر تسليم أبنائنا في المرحلة المتوسطة لأساتذة متشككين ملحدين، فقد يزعزعون إيمانهم.
    يقول: "فكنت أجد الفرصة سانحة لمناقشته في أمثال هذه المسائل، لكنه طرد من عمله، ولعلهم طردوه لظنهم أنه يهدم لي أساس إيماني". فكأن جده وجدته طردوا هذا المدرس حتى يحافظوا على عقيدته.
    يقول: "فإذا استثنيت الأشهر التي قضيتها مع هذا الأستاذ؛ وجدتني قد احتفظت بفكري لنفسي، وكنت أدونه في يومياتي بأحرف يونانية، حتى لا يقرأها سواي، لهذا كنت أشقى شقاءً من الطبيعي أن يعانيه مراهق معتزل عن الناس، وعزوت شقائي عندئذ إلى فقداني لإيماني الديني".
    هو معزول عن الناس ومعزول عن الأطفال، وانسجم مع أحد المدرسين وبدأ يطرح عليه الأسئلة، ولكنه لتشككه طرد؛ فلم يجد هذا الطفل إلا أن يكتب خواطره بحروف يونانية؛ حتى لا يقرأها أحد غيره.
    وغالب الشباب في هذا السن وفي هذه المرحلة يمرون بمثل هذه الأمور، يخفون أشياء كثيرة مما يعانون عن آبائهم وعن أمهاتهم وعن زملائهم، ولكل واحد منهم أشياء شخصية يحتفظ بها ولا يريد أن يطلع عليها أحد.
    وهنا تأتي مهمة التربية، إن كانت التربية إسلامية وصحيحة وسليمة فإنها توجه الشباب إلى الإيمان، وإلا فالإلحاد -والعياذ بالله- يبدأ من هذا السن.
    يقول: "كنت أشقى شقاءً من الطبيعي أن يعانيه مراهق معتزل عن الناس، وعزوت شقائي إلى فقداني لإيماني الديني".
    وهو كذلك، ومع أن دينه محرَّف إلا أنه أحس بالشقاء لأنه فقده، فإن الدين -وإن كان محرفاً- أهون بكثير من أن يعيش المرء بلا دين وبلا هدف، فيظل حائراً متشككاً متردداً.
    يقول: "ظللت ثلاثة أعوام أفكر في الدين؛ معتزماً ألا أدع أفكاري تتأثر بأهوائي، فانتهيت بفكري أولاً إلى عدم الإيمان بحرية الإرادة"، أي أنه كفر بـالكاثوليكية التي ترى حرية إرادة الإنسان، وتنكر القدر، فهم قدرية كما هو مذهب المعتزلة، فمذهب المعتزلة مثل مذهب الكاثوليك في القدر؛ لأنهم أخذوا فكرهم عن الفكر اليوناني؛ بخلاف ما عليه البروتستانت في هذه المسألة -وهي مسألة القدر- فقضية القدر شغلت فكره كما تشغل بال الغربيين.
    فاعتقد برتراند راسل بأن الإنسان مجبور على أفعاله، وهو على كل حال إن آمن بالجبر فقد كفر، وإن آمن بإنكار القدر أيضاً فقد كفر.
    يقول: "ثم انتهيت إلى نبذ فكرة الخلود"، إذاً بعد ما كفر بالقدر، انفرط نظام دينه عقيدة تلو عقيدة، والكفر بالخلود معناه الكفر بالآخرة والحياة بعد الموت، لأن الخلود يستلزم وجود الروح، فهي تنتقل من الدار الدنيا إلى عالم البرزخ، ثم منه إلى العالم الآخر، وإنكار الخلود معناه إنكار هذا كله، وأن الإنسان إذا مات فلا رجوع إلى الحياة بعد ذلك؛ وليس هناك حساب ولا قيامة ولا بعث ولا برزخ، ((بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ))[النمل:66].
    ولهذا كان الشقاء مطبقاً عليه.
    يقول: "لكنني ظللت على عقيدتي في وجود الله حتى أتممت عامي الثامن عشر - لم يبق عنده من دينه إلا اعتقاد وجود الله فقط- وعندئذ قرأت في الترجمة الذاتية التي كتبها مل عن حياته هذه العبارة: (لقد علمني أبي أن سؤالي: من خلقني؟ ليس بذي جواب؛ لأنه يثير على الفور سؤالاً آخر: من خلق الله؟) وفي هذه اللحظة التي قرأت فيها تلك العبارة استقر مني الرأي على أن برهان العلة الأولى على وجود الله برهان باطل" وهكذا يبدأ الإلحاد! فهذه العبارة وجدها هذا الحائر في كتاب أستاذه في الإلحاد -جون ستيوارت مل الذي كان صديقاً وقريناً لأبيه، والذي هو أبوه في العماد؛ يقول فيها مل : "لقد علمني أبي أن سؤالي ..." أي أن أبا مل كان فيلسوفاً وكان ملحداً، فعلم ابنه الإلحاد، ولما صار الابن ملحداً كتب هذه العبارة فقرأها تلميذه الشقي الذي هو راسل يقول مل: "لقد علمني أبي أن سؤالي: من خلقني؟ ليس بذي جواب -أي ليس له جواب- لأنه يثير على الفور سؤالاً آخر: من خلق الله؟" تعالى الله عما يصفون! وهذه الكلمة قد أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم: {لا يزال الناس يقولون: من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول قائلهم: من خلق الله؟} ولهذا لما سأل الأعرابي أبا هريرة بذلك السؤال، قال أبو هريرة : "صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم"، فقد وقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم في زمن أبي هريرة وسوف يظل يقع إلى آخر الزمان.
    فهذا الرجل الذي كان يعبد أرسطو لم يستطع أن يأتي بأي برهان على وجود الله غير برهان العلة الأولى، وكفر بـالنصرانية لخرافاتها وتحريفاتها وضلالاتها.
    وهذا يدلنا على جهل ومغالطة الذين يقولون: إن الفلسفة تقوم على الحقائق وعلى العقل، وهذه العبارة ترد كثيراً في كتب الكلام القديمة وفي عبارات المعاصرين اليوم، وتراهم يزعمون أن الفلسفة حقائق وعقل وقواعد وبراهين وقواطع ويقينيات... إلى آخر ما يقولونه.
    فـبرتراند راسل كان يعتقد بوجود الله بناءً على برهان العلة الأولى، وهو كالخيط الرفيع أو كالشعرة؛ رغم كل الدعاوى التي تحاط به من أنه قطعي ويقيني إلا أنه تبدد أمام أول شبهة، فقد وجد راسل -وهو حائر ضائع مراهق معتزل متشكك- عبارة لإنسان حائر آخر -وهو مل- يقول فيها: (إن سؤالي: من خلقني؟ ليس بذي جواب)، لماذا؟! قال: (لأنه يثير السؤال الآخر: من خلق الله؟) ولأنهم يقولون: الرب يسوع؛ فمن الطبيعي جداً أن يرد هذا السؤال عندهم على غرابته، فهذه العبارة تولد الحيرة وينشأ عنها كثير من الأسئلة: هل الرب يسوع هذا هو الذي خلق السماوات والأرض؟! ورجال الكنيسة لا يجيبون السائل على أسئلته، بل يطردونه ويصمونه بالإلحاد، ولو أجابوه فسيقولون: نعم، هذا الكون الذي خلقه هو الرب يسوع، فيسألهم تلقائياً: ومن خلق يسوع؟! ألستم تقولون في الأناجيل: إنه جاء الملك وكلم أمه وقال: تحملين وتلدين، ثم تضعين غلاماً، ثم جاء الغلام من غير أب؟! -والقصة موجودة في القرآن على اختلافها عما في الأناجيل، لكن الفكرة الأساسية تقريباً واحدة- فهل هذا هو الذي خلق السماوات والأرض؟!
    وأي شخص لديه أدنى مسكة من عقل لا يصدق كلامهم، وخاصة بعد ما كشفت لهم العلوم الكونية أبعاد الفضاء، فإن عيسى عليه السلام قد ولد سنة (1) ميلادية أو قبل ذلك -فهناك اختلاف في ولادة المسيح، ولا يعنينا الآن هل ولد سنة (1) ميلادية، أو ولد قبل الميلاد بسنتين، أو ولد بعد الميلاد بسنتين -فكيف يقولون: إنه هو الذي خلق هذا الكون العظيم؟! هذه مشكلة، فهنا يأتي السؤال: من خلق هذا الرب؟!
    رجال الكنيسة يقولون: الثلاثة واحد، فماذا يقصدون؟! هل يقصدون أن الخالق هو المخلوق؟! ولا يجد السائل عن هذا جواباً مقنعاً يشفي غليله، ومن هنا تنشأ المشكلة؛ ولذلك يكفر الغربيون ويلحدون.
    ومع ذلك نقول: يجب أن ننتبه لمثل هذه السن ومثل هذه التربية، حتى لا يقع شبابنا في الإلحاد، فكل من ألحد من شباب المسلمين، فصار شيوعياً أو وجودياً، فلا بد أنه مرت به مثل هذه الظروف: يتيماً منعزلاً متشككاً... إلى آخر ما سمعتم.
    يقول: "وفي هذه اللحظة التي قرأت فيها تلك العبارة، استقر مني الرأي على أن برهان العلة الأولى على وجود الله برهان باطل" لقد بنى عقيدته على برهان أرسطو، وهو تافه متهافت، ليس بذي دليل ولا حجة، ثم كفر به حين قرأ كلام شخص آخر متهافت ليس بذي دليل ولا حجة، هذا كل ما كان لديه، ومن هنا أصبح علماً مشهوراً على الإلحاد والملحدين.